موضة

كيف أثّر الحجر المنزلي على عالم الموضة؟

يحاول تجاوز هذه المحنة بأقل خسائر ممكنة

ماريون دوبوي / Madame Figaro

19-June-2020

كيف أثّر الحجر المنزلي على عالم الموضة؟

عروض الأزياء والمجموعات الجديدة توقفت كلّها نتيجة الحجر المنزلي. فوجد المصممون أنفسهم عالقين في فترة جمود، حيث نفذت المواد والأقمشة لديهم، وتُركوا ليرسموا ملامح العالم الجديد.

 


رونالد فان دير كيمب

 

يبدو المشهد وكأنه فيلم يجمع بين Barry Lyndon و Eyes Wide Shut ومن إخراج Stanley Kubrick، تحت عنوان "ملحمة الموضة"، مع لقطات Jean-Paul Goude المبهجة. ليل 28 أبريل في أمستردام، بينما يبحر قارب عبر الماء وعلى متنه امرأة ترتدي الدانتيل الأبيض، ظهرت العارضات من نوافذ قلعة Hotel de l'Europe، مرتديات فساتين الكوتور مع أقنعة ويلوحن بعلم أبيض.

هذا المشهد من توقيع المصمم Ronald van der Kemp. ومع نهاية الحجر المنزلي في هولندا، نظم مصمم الموضة المستدامة هذا الحدث من دون إعلان مسبق. الهدف منه هو الحفاظ على أمل بمستقبل أفضل، بينما نتساءل عن مستقبل الموضة. يشدد رونالد فان دير كيمب على أنه "قبل أن يعود العالم إلى ما هو عليه، أي عالم الإفراط في الإنتاج والملابس التي لا تستمر طويلاً وتضخم المجموعات، دعونا نعيد التفكير في ما يحدث".

 


مشهد رونالد فان دير كيمب

 

صدمة غير متوقعة

 

بعد الصدمة، وطرح الأسئلة والتغييرات الكبيرة الت شملت العالم نتيجة وباء الكورونا، حان دور عالم الأزياء مواجهة هذه الواقعة. ما الذي سيحدث بعد الصدمة؟ قد يصعب معرفة ذلك، لكننا متأكدين من أمر واحد: لن يكون عالم الموضة هو نفسه.

من رونالد فان دير كيمب إلى جورجيو أرماني، الذي كتب رسالة مفتوحة إلى مجلة WWD في أبريل، قال فيها إنه مستعد لإنهاء النظام الحالي، يتفق الجميع في عالم الموضة الأزياء على نقطة واحدة: تعرّضت الموضة لصدمة وسيكون من الصعب عليها تجاوز العواقب.

 

Ronald Van Der Kemp
كوتور فان دير كيمب

 

كان على مصممي الأزياء التكيف والتنظيم والتفاعل بسرعة عندما أُلغيت الطلبات وأُغلقت المصانع. كان عليهم أن يكونوا أذكياء لتخيل مجموعاتهم المستقبلية مع فرق عملهم في صفوف متفرقة. كل من قابلناهم خلال هذه الفترة قالوا لنا الأمر نفسه: لقد رقصوا على حافة الهاوية ثم استغرقوا بعض الوقت للتفكير في العودة إلى الحلبة، لأن للمرة الأولى في مسيرة المصممين، كان عليهم إبطاء الوتيرة والتفكير في المستقبل. من نيويورك إلى باريس وعبر ميلانو، سيحاول المصممون، الذين رأوا مجموعاتهم تسير على مدارج عروض الأزياء في أسابيع الموضة، التفكير في طريقة تُخرجهم من المأزق الذي وقعوا فيه.  

 

انخفاض المبيعات

 

للمرة الأولى في التاريخ، كان على صناعة الأزياء أن تغلق أبوابها كلياً؛ من المراكز التجارية إلى دور الأزياء الفاخرة، من المصممين إلى الحرفيين، من الاستوديوهات إلى دور الإنتاج، تم إغلاق كل شيء.

يقول سيرج كاريرا، أخصائي والمحاضر في Sciences Po Paris: " هذه الأزمة لم يسبق لها مثيل في مدى انتشارها وبالقدرة على وضع الحد لها، إذ أثرت على العالم بأسره."

وأضاف:

" لم تكن الحال أبداً خلال الحربين العالميتين في القرن العشرين. علماً أن بعض دور الأزياء أقفلت أبواها، ولكن بقيت الأخرى أبوابها مفتوحة بشكل طبيعي، وكانت مصانع الصوف تعمل بكامل سرعتها لتأمين الملابس للجيش."

 

رغم توجّه بعض دور الأزياء الفاخرة أو الشركات المصنعة الأخرى إلى صناعة الكمامات خلال الحجر المنزلي، إلّا انها لن تعود إلى نشاطها الطبيعي قبل ​​7.5 أشهر على الأقل.

كيف سيتمكن عالم الأزياء من تجاوز هذه المحنة؟ إن التأثير السلبي لفيروس الكورونا على مبيعات الموضة في فرنسا، أمر يستحق الإهتمام: انخفاض المبيعات بنسبة 53 في المئة في مارس و85.5 في المئة في أبريل، بما في ذلك المبيعات أونلاين. في نهاية مارس، أشارت Bain & Company إلى انخفاض مبيعات الأزياء الفاخرة باكملها بنسبة 25-30 في المئة في الربع الأول.

 

 

يشير سيرج كاريرا إلى أنه "حتى لو كان للانخفاض الاقتصادي تأثيراً أكبر على دور الأزياء الكبرى، ستكون إدارة الأمور بعد كل هذه الفوضى أسهل عليهم من المصممين الشباب، لأنهم يتعاملون مع كل سلاسل الإنتاج ولديهم شبكات خاصة وبالتالي يمكن تعديل المخزون والطلبات وفقاً لما يحصل على الأرض."

 

الرانواي الرقمي

 

أما في ما يتعلّق بأسابيع الموضة للمجموعات الرجالية القادمة، ستقام هذا الشهر لكن سنشاهدها من الشاشة. في باريس، سيطلق اتحاد الأزياء الراقية منصة رقمية للتعبير الحر يشمل عروض الأزياء وأداء، مقابلات وأفلام، من 9 إلى 13 يوليو. كما ستضم لندن (في 12 يونيو) وميلانو (14 إلى 17 يوليو) منصتيهما الرقميتين المخصصتين لعرض الملابس الجاهزة الرجالية والمجموعات النسائية المسبقة لهذه المناسبة.

 

 

لكن ماذا عن الأزياء الراقية التي تجري عادة في يناير ويوليو؟ يقول باسكال موراند، الرئيس التنفيذي لاتحاد الأزياء الراقية إن عروض الأزياء الراقية ستكون أيضاً أونلاين، وتبدأ من 6 إلى 8 يوليو. سيكون المبدأ مطابقاً لأسبوع الموضة الرجالي، لكن سيكون التركيز الأكبر على تفاصيل الأزياء الراقية الفاخرة.  إنه تحد كبير وسننجح في تحقيق ذلك معاً."

 

موسم جديد؟

 

ما زالت بعض الأمور مجهولة: من هي دور الأزياء التي ستشارك في الجدول الرقمي لأسابيع الموضة؟  أعلنت Saint Laurent عن جدول أعمالها الخاص لعام 2020. كما أعلن أليساندرو ميشيل على الإنستغرام تغييرًا جذريًا لدار غوتشي للمواسم الحالية التي تجاوزها الزمن، ووتيرة الإصدارات الجديدة التي ستقتصر على عرض مجموعتين في السنة فقط. كما زادت المطالبات والرسائل المفتوحة من المصممين المستقلين والرؤساء التنفيذيين والمشترين في المتاجر الكبرى، بعد الحجر المنزلي، داعين القطاع إلى تغيير مستدام وتحديد مواعيد جديدة للمواسم المقبلة.

 

 

لكن يُطرح سؤال آخر في السياق نفسه: إذا أصبحت المنصات الرقمية متداولة، فكيف يمكننا أن ننقل أجواء العرض المباشر إلى المشاهدين؟ نحن على يقين أن قطاع الأزياء سيجد الإجابات على هذه الأسئلة !