لماذا يشعر بعض الأشخاص بالبرد أكثر من غيرهم؟

فحتى في البلدان الدافئة، حيث فصل الشتاء قصير نسبياً ودرجات الحرارة غالباً معتدلة، توجد فئة من الأشخاص تعرف بـ"الحساسين للبرد". هؤلاء قد يشعرون بالبرد في أماكن يعتبرها آخرون معتدلة، خصوصاً داخل الأماكن المغلقة المكيّفة. ولا يصلون إلى الإحساس بالراحة إلا عند درجات حرارة قد تتجاوز 23 درجة داخل المنزل أو المكتب.

فلماذا لا نختبر جميعاً الشعور نفسه؟ يقول طبيب الصحة العامة الفرنسي جيمي محمد، إن الحساسية للبرد ليست مرضاً بل هي إحساس شخصي يرتبط بعوامل متعددة تختلف من شخص لآخر. ويضيف أن حرارة الجسم قد تتغيّر خلال اليوم (أعلى صباحاً وأقل مساءً)، ما يؤثر على هذا الإحساس. لكن هناك عوامل أخرى تفسّر اختلافنا في الشعور بالبرد.

العوامل الوراثية ونمط الحياة

يشرح الطبيب أن بعض الأشخاص قد يرثون قابلية للشعور بالبرد، مثل ميل لضعف الدورة الدموية، لكن ذلك لا يعني أن الطفل سيكون بالضرورة مثل والديه.

يلعب نمط الحياة بدوره دوراً كبيراً. فالأشخاص قليلو الحركة يشعرون بالبرد أكثر مقارنة بالذين يمارسون نشاطاً بدنياً منتظماً. فكلما تحرك الجسم أكثر، كلما ازداد إنتاج الطاقة والحرارة. لذلك، يتمتع الرياضيون عادة بإحساس أقل بالبرد لأن معدل الأيض لديهم أعلى وإنتاج الطاقة لديهم أكبر.

التربية والفروق بين النساء والرجال

قد تتكوّن الحساسية للبرد منذ الطفولة. فإذا اعتاد الطفل سماع جمل مثل "ارتد معطفك وإلا ستبرد"، فقد يترسّخ لديه هذا الشعور حتى من دون وعي ويستمر معه عندما يكبر.

أما بالنسبة للفروق بين الجنسين، فيوضح الطبيب أن الرجال عموماً أقل حساسية للبرد من النساء. يعود السبب إلى هرمون التستوستيرون لدى الرجال الذي يغيّر طريقة استقبال الدماغ للبرد.

العمر ودور الدهون البنية

مع التقدّم في السن، تزداد حساسية الجسم للبرد. فالدهون البنية المعروفة أيضا بالنسيج الدهني البني‏، المسؤولة عن تدفئة الجسم منذ الطفولة والحفاظ على حرارة ثابتة، تقل تدريجياً مع التقدم في العمر.

كذلك يفقد كبار السن جزءاً من الدهون التي كانت تعمل كطبقة عازلة للحرارة، فيشعرون بالبرد أكثر. لدى الرجال، قد يتراجع مستوى التستوستيرون مع العمر، فتصبح المستقبلات العصبية أكثر تأثراً بالبرد. في المقابل، قد تؤدي التغيرات الهرمونية لدى النساء، خصوصاً خلال فترة انقطاع الدورة الشهرية، إلى شعور بعدم انتظام الحرارة بين هبّات ساخنة وقشعريرة.

الدورة الدموية

قد يكون سبب الشعور بالبرد أيضاً اضطرابات في الدورة الدموية. يشرح الطبيب الأمر بمثال بسيط: "إذا كانت المياه لا تجري جيداً في أجهزة التدفئة، فلن تنتشر الحرارة فيها بالتساوي، والأمر نفسه يحدث في الجسم". الأشخاص الذين يعانون من ضعف الدورة الدموية قد يشعرون ببرودة في الأطراف، وينصحهم الطبيب بارتداء الجوارب أثناء النوم للحفاظ على الحرارة.

مشكلات صحية أخرى

في بعض الحالات، قد تكون الحساسية للبرد مؤشراً على وجود مشكلة صحية مثل قصور الغدة الدرقية. فالغدة الدرقية تتحكم في نبضات القلب والهضم وحرارة الجسم، وعندما يصيبها خلل، قد يشعر الشخص بالتعب وبالبرودة بشكل مستمر.

وقد ترتبط الحساسية للبرد أيضاً باضطرابات في الغدد الكظرية المسؤولة عن إفراز الكورتيزول. عندما يختل هذا الهرمون، قد تتراوح الأعراض بين الشعور الشديد بالبرد أو نوبات من الحرارة.

يمكنك الاطلاع أيضاً على: هل نحرق المزيد من السعرات الحرارية في البرد؟

لمشاهدة أجمل صور الموضة والجمال والمشاهير، زوري صفحتنا على انستغرام

فيديوهات المصممين العالميين والمشاهير على قناتنا على YouTube + video’s section